رائحةُ رَجُلٍ يحترِق
بقلم د. الشاعر إحسان الخوري
أتذكُرينَ...
أنا أفْتَقِدُكِ يا حبيبتي..
وعدتِني أن أكونَ آخرَ مرافئِكِ..
لكنَّكِ غادرتِ..
أخذتِ أُلوفَ شُؤونِكِ الصَّغيرةِ..
أخذتِ كَتِفَكِ الجميلَ..
أخذتِ شامةَ نَهْدِكِ المِغْناجَةِ..
احتكرْتِ رائِحةَ البُنِّ..
بِعتِ كُلَّ تاريخِكِ..
مَسَكتِ بخرائطَ أيَّامي ..
وانصرفْتِ...
حبيبتي..
رغمَ غيرتِكِ تلكِ القاتلةِ..
ودافعَ عشقي القاتلِ ..
غيابُك تعذيبُ روحي..
أنا أحتاجُكِ أكثرَ ممَّا تتخيَّلين..
أشتاقُ رائحتَكِ..
تفاصيلَكِ..
أرغبُ بالكثيرِ في حضنِكِ..
ذاكَ الَّذي يأسرُني..
وأشتاقُ مذاقَهُ المُتَفرِّدَ ...
حينَ رَحلتِ يا حبيبتي..
راحَ الوجدُ يسكُنُني..
غُرفتي دارتْ حولَ نفسِها..
كلُّ شيءٍ فيها تساقَطَ..
هيَ كشِبْهِ المَهجورةِ تَبيتُ..
ما أضيقَ السَّريرَ..
ويا لاكتئابِ وسادَتي وتبرُّمِها ..
هيَ مُتعَبةٌ..
تُشارِكُني الشَّفَقةَ علىٰ نفسي ..
ودُموعي عليها تَنْفَلِتُ ...
حبيبتي..
طفقتْ الرغَباتُ عندي تَختنِقُ ..
سَقَطتْ نفسي في الهاويةِ..
بتُّ أتقوقعُ حولَ بقايا رائِحَتِكِ ..
ذُكرياتُك تلتَفُّ حولَ عُنُقي..
وأيَّامي المُدمِنَةُ عليكِ لنْ تمضِ...
حبيبتي هلْ سيطولُ غيابُكِ..
أمْ سأحدِّقُ في السَّماءِ ..
هل بتُّ خارجَ أعرافِ الحُبِّ..
أمْ سأرتطِمُ بِظلِّي وأضيعُ ..
أفكاري تهرُبُ مِنِّي..
ترفضُ القُيودَ..
هلْ سأتعافى من أسرارِكِ العتيقةِ..
هلْ بُعتُ أزماني لِعابرٍ مَجهولٍ..
وسأبقى طويلاً أتفرَّسُ بالخمرةِ المَحمومَةِ...
حبيبتي شامةُ صدرِك تصلبُني..
وأنا لنْ أبيعَ أشواقي..
أتذكَّرُ شفتيَّ وهما تفترشانِ شفتيكِ..
أتذكًّرُ نهدَيكِ تغمزانِ للشَّمسِ..
أتذكَّر عينيكِ حدَّ الحُلمِ..
فتَشْتعِلُ بداخلي كلُّ نيرانِ الّلهفةِ...
أُوَشْوِشُ بابيَ المُغْلَقَ..
هلْ هيْ سِمَةُ الانتهاءِ..
أتدرَّبُ علىٰ فنجانِ قهوتي الوحيدِ ..
أزجُّ بالجانِّ بينَ أفكاري..
وأذيبُ السَّاعاتِ علىٰ روحي...
حبيبتي..
لقد امتلأَ الفراغَ بالمللِ الدؤوبِ..
هلْ سيغيبُ وجهُكِ في دُخانِ سيجارَتي ..
اسُمكِ ما زالَ في جيبي ..
كيفَ أغفو وعينايَ تُصِرَّان علىٰ التَّمرُّدِ..
هلْ أُصِبتُ بِعدوى البُكاءِ..
وسَيشدُّني الوَجْدُ إلىٰ الجُنونِ..
هلْ أنا سَيِّءٌ مثلُ أقداحيَ الفارغةِ..
أمْ أوهامي تكبُرُ..
تنتحِلُ الثُّمولَ..
وتُهروِلُ معي إلىٰ الأمْسِ البَعيدِ....
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق