الأربعاء، 21 أغسطس 2019

ترويض الشعوب وتدجينها/كلمات الأديب /د. احمد محمد شديفات

بسم الله الرحمن الرحيم
{{...تَرْوِيض الشعوب وتَدْجِينِها...}}
لكل مروض في العالم طريقته الخاصة في ترويض شعبه لأنه ملك له وخاصته، وكل له أدواته
لنبدأ بالترويض وهو مصدر رَوَّضَ ومنه روض الحيوان أخضعه وهيئه لعمل خاص...
ثم التَدْجِينِ مصدر دَجَّنَ ويكون للحيوانات كذلك بتَلْيِينِ طَبَائِعِهَا وَتطْوِيعِهَا.........
قال الله تعالى :- {وَمَا عَلَّمْتُمْ مّنَ الجوارح مُكَلّبِينَ} مُكَلِّبِينَ ما دَرَّبتموه من ذوات المخالب والأنياب من الكلاب والفهود والصقور ونحوها، فمُرَوِّضُها هو مَنْ يَسُوسُهَا وَيُدَرِّبُهَا وَيُعَوِّدُهَا عَادَاتٍ وَحَرَكَاتٍ مُعَيَّنَةً...
ففي نظر هؤلاء فمن الشعوب من يصلح معه الترهيب أو الترغيب أو الأغراء أو الأثراء أو المنصب والوظيفة أو الجاه أو التعذيب حتى الموت أو التخويف أو الرعب بيد زمرة غلاظ شداد في التنفيذ والترويض والتدجين حسب نوعية الشخص فإذا ضربت الكبير قد يخاف الصغير أو بالعكس،
فلا بد من معرفة نفسية الـمُروِّضُ للمروض وكيفية تدجينه وما هي خلفيته وجذوره ومذهبه وتعليمه واتجاهاته وزملائه، فمروض واحد شرس قد يدجين مجموعة كاملة من البشر لأنه جلاد ذو سياط وقلبه أقسى من الحجر،
فأشخاص الترويض لديهم فنون وممارسات وخبرات ودورات ودراسات خاصة لمعرفة نقاط القوة والضعف في الشخص المراد ترويضه وتدجينه،
ومما يريح المُرَوَّض أن لديه استعدادا لترويض شعب كامل خامل حتى لو ضرب سوطه على الأرض وقف الشعب كله إجلالا واحتراما استعدادا لأخذ أوامر الإيعاز مرددا بأعلى صوته نفذ دون أن تناقش،،،،
من منا لم يشاهد ترويض وتدجين الحيوانات المفترسة وقد دربت على تأدية حركات يعجز عنها مدربها أن يأتي بها، فتنسى الحيوانات ماضيها المفترس وهذه هي منتهى المَهَارَةٌ في تَدْجِينِ الحَيَوَانَاتِ وتَلْيِينِ طَبَائِعِهَا وَتطْوِيعِهَا وإِخْضَاعِهَا للأوامر تحت طائلة المطرقة والسندان حتى تصبح ذليلة مذللة مطيعة طاعة عمياء وهكذا يتم تَدْجِينِ الشَّعْبِ بطرق ووسائل شتى،  والترويض والتدجين ممتع ممتنع بذات الوقت خاصة للشعوب فينظر اليهم على أنها مخلوقات لا تستحق الحياة والحرية،،،،،،،،،،
وهذا الترويض قد يأخذ فترة طويلة ومتابعة حثيثة ومراقبة شديدة وقوة منيعة وحراسة في يقظة دائمة لا عيون نائمة ساهية لاهية،،،،،،
كلنا رأينا الشعوب المروضة لما فتحت لها الأبواب تدافعت في زحمة من مهاجعها فأكلت الأخضر واليابس وسرقت وقتلت ونهبت الثروات ودمرت الممتلكات ،،،،
ثم جاء مروضون جدد مهرة لصوص استفادوا من خبرة السابقين وتفادوا الأخطاء، وبدأوا  الذبح والسلخ والتشليح والسرقة والنهب والسلب والقرصنة وتركوا القطيع ينهش بعضه بعضا وتفرغوا هم لشحن الأموال وخلق العداوة والطائفية تغطية لأعمالهم وأفعالهم المشينة ،،،
وبعد السكرة جاءت الفكرة وبعدما ذاب الثلج بان المرج وإذا بالدول والشعوب قد أفلست فالترويض والتدجين لم يكن صحيحا والحب للقائد الرمز كذب والخطب والدعاء والاهازيج زيف وإخلاص البطانة خيانة، فقتلوا القائد لأنه كان يكذب عليهم ويكذبون عليه ، وهاضت ومالت الشعوب إلى حتفها الأخير،،،
وجاء الشاعر الأفوه الأودي وذكر القوم في مقولته المشهورة:- مرددا
(لا يَصلُحُ الناسُ فَوضى لا سَراةَ لَهُم... وَلا سَراةَ إِذا جُهّالُهُم سادوا)
فعلا ذهب السراة وبقي العراة فكانوا كالهر يحكي انتفاخا صولة الأسد فسادوا ثم أبادوا الشعوب المروضة عندما خرجت عليهم وقنصوها وأردوها قتيله بصورة نمر مفترس تحت مسمى الإرهاب بسبب الخروج من باب السرك على المدرب المهاب فالترويض لا ينفع مع الشعوب إلا بالعدالة والحرية لأنهم بشر عقلاء{وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ...}
إذا الشّعْبُ يَوْمَاً أرَادَ  الْحَيَـاةَ فَلا بُدَّ أنْ يَسْتَجِيبَ القَـدَر
وَلا بُـدَّ لِلَّيـْلِ أنْ يَنْجَلِــي  وَلا بُدَّ للقَيْدِ أَنْ يَـنْكَسِـر
تقديم الدكتور أحمد محمد شديفات / الأردن

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق