عشقُ الأسود
من قال إنَّ قلوبَ الأسدِ لم تَجِدِ
والغصنُ عافَ لحونَ الطائرِ الغَرِدِ
عشتُ الحياةَ كما أملتْ بداوتُها
عرفَ الجدودِ ودربَ العارف الزَهِدِ
ما خنتُ يوماً صديقاً حينَ عاهدني
ولا رويتُ حديثاً ناقصَ السَنِدِ
ولا شربتُ خموراً رغمَ كثرتها
ولا سللتُ لساني في عِدا أحَدِ
وما طعمتُ حراماً كالذي طعموا
ولا وطأتُ دروبَ الذنبِ عنْ عَمَدِ
وما تركتُ سيوفَ الشَّكِ تقتلني
وكنتُ ممنْ تحدَّى الصعبَ بالجَلَدِ
لكنَّ شوقي إلى الغيداءِ يصرعني
ما زادَ عني هواها كثرةُ العُدَدِ
سبحان ربي قلوبُ الأُسْدِ عاشقةٌ
سبحان من قد رمى بالحرِّ في الصَفَدِ
يا منْ تعدَّى حدودَ العشقِ أكملها
وصارَ مني محلَ القلبِ والكَبِدِ
ما رمتُ منكِ حراماً في مراودةٍ
لكنَّ قلبي أسيرُ السحرِ والغَيَدِ
هذا الوجودُ غدا في النفسِ منكِ رضاً
حبٌّ تعمَّقَ في الأحشاءِ للأبَدِ
زفَّتْ مشاعلُ عشقٍ فيكِ أشرعتي
حتى تألقَ وجهُ البحرِ بالمَدَدِ
ما نالَ منِّي حسودٌ في ملامتهِ
ولا أصابَ صوابي زيفُ مُنْتَقِدِ
مُذْ شبَّ حرفي عيونُ الغيدِ تأسرني
حتى أقمتُ على المِنْساةِ مُعْتَمَدي
لا فيكِ ضلَّتْ ظنوني دربها أبدا
وما تعثَّرَ يوماً صدقُ مُعْتَقَدي
يا أنتِ . أنتِ المنى للحرفِ مقصدهُ
يا أنتِ. أنتِ الهوى للروحِ والجسدِ
شوقي إليك ِزمامٌ لستُ أملكهُ
ما فتَّ فيهِ هوى نفَّاثةِ العُقَدِ
تُعْساً لصوبٍ كئيبٍ لستِ غايتهُ
كم زادَ فينا على الإعياءِ بالكَمَدِ
ما جفَّ جفني وما أضنتهُ دمعتهُ
يا كحلَ عيني بكِ الترياقُ للرَمَدِ
ضَنَّ الفؤادُ على مَنْ دونكم زمناً
وفي هواكِ فؤادي غيرُ مُقْتَصِدِ
والحرفُ كانَ ثقيلاً حين أطلبهُ
وفي لماكِ أتاني كلُّ مُحْتَشِدِ
أضحى هواكِ مزاراً بين أوردتي
ومنك تسعى نجومٌ في سما خَلَدي
لا غير من تشتهي يرقى بأجنُحِهِ
في جو خاطرتي. يا قلبُ فاتَّئِدِ
هذا بليلكَ ذكرٌ صرتَ تعشقهُ
الله لمَّا بدتْ في ليلكَ السَّهِدِ
مهما تعاظمَ في ذكراهمو ألَمِي
ما ضلَّ عني هوى خلِّي ولمْ يَحِدِ
فالحبُّ باتَ دليلاً بين أروقتي
والعشقُ لمْ ينتقصْ من هيبةِ الأَسَدِ
عوض الزمزمي
مصر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق