قصة قصيرة بعنوان : روحية المفترية
بقلم الشريف الدكتور / ماهر الطوخى
قصتنا هى قصة واقعية حدثت بالفعل فى إحدى قرى الريف . ومن هى روحية المفترية ، هى اسم على مسمى فهى تتصف بهذه الصفة بل ويناديها الجميع بهذا الاسم فهى أمرأه شريرة حادة الطبع وجهها عابس على الدوام طلباتها لا تنتهى فلا تقنع بشئ .
تعيش روحية مع زوجها الذى يختلف فى كل شئ عنها فهو على العكس تماما طيب القلب ، هادئ الطباع لا حول له ولا قوة يخرج صباحا لعمله حيث يعمل سمسار فى تجارة المواشى ( من بقر وجاموس وأغنام .. الخ ) حيث يتوسط بين البائع والمشتري حتى يتم البيع ويأخذ مبلغا عن كل رأس يتم بيعها ، ثم يعود لبيته يعطى زوجته ما أنعم الله به عليه ، وأحيانا يشترى لنفسه بعض من هذه المواشى يبيعها فى السوق التالى ويربح منها .
واستمر الحال على هذا الوضع ولكن تأتى الرياح بما لا تشتهي السفن فقد بدأ عم سلامة ( زوج روحية المفترية ) يتعب وتظهر عليه علامات التعب والمرض فبدأ يذهب إلى سوق ويترك السوق الذى يليه ليرتاح بعض الشئ . وعدم انتظامه هذا فى الذهاب إلى الأسواق وممارسة نشاطه التجارى أدى إلى انخفاض مستوى دخله مما جعل زوجته تشتاط غيظا وتتذمر وتعترض بل وتسبه وترشقه بأفظع العبارات مما أثر عليه نفسيا بل ازداد وضعه الصحى سوءا .
وجاءت الطامة الكبرى عندما قام متثاقلا فى صباح أحد الأيام ليتوجه إلى أحد الأسواق ليباشر عمله حيث فاجأته زوجته المفترية وقالت له إلى أين ؟ قال إلى السوق ، فقامت وأخذت من جيبه المبلغ المالى الذى يستخدمه فى البيع والشراء ، ودفعت زوجها بيدها دفعة قوية سقط عل أثرها أرضا قائلة له : لحد كده انتهى دورك ياسلامة ، روح نام فى الغرفة الخارجية ( والغرفة الخارجية هى غرفة متطرفة فى آخر المنزل تطل على الشارع ولكنها بعيدة عن جميع غرف المنزل ) قائلة : مشفش وجهك داخل البيت ، ونادت على أبنها الأكبر حسن وأعطته المبلغ المالى الذى أخذته من جيب زوجها وقالت له من الآن انت رجل البيت جاء دورك الأن للتجارة ومسئولية البيت .
أخذ حسن المبلغ الخاص بالتجارة وتوجه إلى السوق وتوالت الأيام حيث تم إهمال عم سلامة تماما بل أصبح تقريبا فى طى النسيان وخصصت له الغرفة المعزولة عن المنزل وأدى به الحزن إلى الإصابة بجلطة أدت به إلى الشلل فى رجليه أقعده تماما عن الحركة .
زاد إهمال الرجل فى كل شئ ، بل أن روحية زوجته لم تذكر له يوما من أيامه السابقة التى كان يعمل فيها ويكسب .
بدأ عم سلامة ينادى على جيرانه ليلا لعل أحد يسمعه طالبا بعض الماء ليشرب ، وكان أن رزقه الله بجار وزوجة له يهرعون إليه عندما يسمعونه بالماء وبعض المأكولات والعصائر ويظلوا معه حتى يأكل ويشرب وينام ، واستمر الحال إلى أن الجار وزوجته خصصوا له وجبات منتظمة يوميا بعيدا عن أعين زوجته المفترية وخوفا من لسانها السليط حيث كانت تنساه أو تتناساه لعدة أيام هى وأولادها.
وأخيرا جاء الأجل وصعدت روح عم سلامة إلى بارئها وارتاح فهو أصبح فى ذمة الله .
ودارت الدائرة حيث اتسعت تجارة الأبن حسن وزاد مكسبه وتزوج فى نفس المنزل وبنى غرفة على سطح المنزل عزل والدته ( فتحية المفترية ) فيها او هكذا أشارت عليه عروسه بذلك وزاد إهمالها أضعاف أضعاف ما كان يحدث مع زوجها عم سلامة .
وتذكرت ما فعلته بزوجها ودارت الدوائر وجنت روحية المفترية من نفس الكأس الذى أذاقت منه زوجها المر والحنظل.
وفى النهاية نستطيع أن نقول : أتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة .
بقلم الشريف الدكتور / ماهر الطوخى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق