جنوح:
كانت تستهويها فكرة الموت عندما ستصل الثامنة عشرة من عمرها...لم تدر يوما كيف سيطرت عليها الفكرة؟ من أين تولدت؟ أي ريح هبت على عقلها ذات وقت وهمست لها أن حتى الموت جميل...هل تأثرت ببطلة إحدى رواياتها المفضلة التي كانت تنسج منهن رواياتها الخاصة...فصارت بطلة رواية لم تكتب...إنما تعاش وتحيى...
كانت أمنيتها لو تعلم مكانتها عند فلان وفلانة و الناس أجمعين...كل من يعرفها من قريب أو بعيد...تتخيل جنازتها مهيبة تتحدث عنها كل المدينة...لكنها لا ترغب في عيش الموت...إنها لحظة حاسمة...ربما تنقلك إلى جنتك كما علموك ...فتبتسم...وربما تذيقك من العذاب ما لا تطيقه...وعليك أن تختار...فتجد نفسك أمام مشهد تمثيلي تلعب فيه دور البطل...فتكتب مشاهد الأسى والألم بأقل كلمات ممكنة لتترك لخيالك واسع النظر...فترى الجميع يخاطبك بشغف ولوعة على فراقك...تغزر الدموع وتشحب الملامح و تلغى من أجلك كل مظاهر الفرح و الحبور...كيف لا والكل حزين لفراقك...
وتنتقل إلى مشهد أنك ركنت على الرف...تم وانتهى كل شيء تعرفه وتعلمه...ليبدأ المجهول في الغزو لك من العقل والقلب و الروح...الروح؟؟
أين هي الروح؟؟
هل بدأ عذاب القبر؟
هل لا تزال في حضرة الملائكة؟
هل شعرت وأنت تصعد روحا إلى السماء؟
ماذا رأيت؟
من رأيت؟
هل أنت مرتاح و هادئ و سعيد..أم أنك معذب صارخ متأوه؟
هل أنت في الجنة أو في النار؟
هل ندمت على ما فعلته؟ هل توسلت الله؟
هل غفر لك و ثاب عنك؟
من تتمنى أن تراه هناك حيث أنت؟
تعرف هذه الأشياء وتنتظر...شبه متيقنة أنها ستموت عندما تصل الثامنة عشرة من العمر...
ووصلتها وظلت ترقب الحياة والموت معا متى أرادت...وتضاعف هذا الرقم ثلاث مرات ولم تمت...
حافظت بصمت على حب الحياة ...ذاك الذي يجعل لنا قيمة عند الناس لأننا فقط صادقون.
بقلم سميرة شرف
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق