الجمعة، 26 يوليو 2019

هبة /كلمات الأديبة /ليلى عبدلاوي

 هبة
(قصة قصيرة)

   كل شيء في الخارج يبعث على الحركة و الاستيقاظ... اخضرار الأمل على المروج ينتشي مسقيا بحبات الطل اللامعة..العصافير اختارت ركنا من نافذة غرفتي لتبني عشها وأخذت تغني لحن الحب..
   الشمس تخترق كثبان السحب الخفيفة..لتلامس جوانب هذا العالم الساحر.
 أتأمل هذا الفرح الصغير من نافذة غرفتي المطلة على البستان ..مستلقية على فراشي الأبيض ،جامدة بلا حراك..
- أنه القلب.
   عبارة حرفها قليل لكن لها مفعول الديناميت ..فجرت أركان حياة باكملها..
  قلوب اليافعين تستيقظ للحب..للحياة..للفرح..لكن قلبي يستعد للنومة الاخيرة.
في أعماق صدري صدى كلام يتردد ..يتكرر في قسوة بالغة:
-إنها حكاية اشهر..عام على الأكثر..الحل الوحيد عملية زرع قلب جديد .
   تبدأ رحلة الانتظار..منظر الرياض خارج المستشفى يوحي بالعطلة..عطلتي أنا تدوم منذ ثلاثة اشهر..لا تغيير يذكر..مازلت أنتظر هبة قد تأتي و قد لا تأتي..
قلبي يتدلل، دقاته تشتد تارة وتضعف أخرى.أشعر بالألم،لجهاز على يميني يصدر رنينا متواصلا.
ساعات الانتظار مؤلمة،زيارات الطبيب تتباعد أكثر،لم أعد أرى منه إلا ظله المتسارع يمر على باب غرفتي..
   كل شيء في الخارج ينبئ بانتهاء العطلة ،أوراق الشجر المصفرة تتساقط،أصغي لأصوات انكسارها تحت اقدام المارة، تنكسر معها قواي..
   الصباحات الرمادية ممتلئة بضحكات الأطفال في طريقهم إلى المدارس،أسراب الطيور المهاجرة تملأ الأديم. 
    طاقتي تتلاشى،لابد أن موعد السفر يقترب..
   أشرع في الاستعداد وإعداد الآخرين من حولي،أرى في عيونهم شعلة منطفئة ..يجتهدون مليا في إخفائها.
   الثلوج تكسو الرياض،تمتزج كثبانها  ببياض الوزرات التي تدب بسرعة فائقة،أحاول عبثا أن أستجمع مابقي من قوتي.
   رحلت هذا الصباح،دموع الأحبة تغسل نعشي،الممرضة الشقراء الرائعة ترافقهم،تعترضها قامة فارهة تمسك صندوقا أبيض بإحكام .
هبة القلب وصلت لكن بعد فوات الأوان..
ليلى عبدلاوي
.
.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق