عزيزة
كانت كل ملاهي المدينة تتهافت على التعاقد مع ذات القد الممشوق، فائقة الحسن و الجمال:عزيزة ...كيف لا و الرهان عليها مربوح مربوح...فكلما رقصت هزت عروش الرغبات الكامنة في أجساد المخمورين التائهة بين الأضواء الخافتة و الموسيقى المثيرة للشهوات و النزوات...
مجرد دخولها الحلبة كفيل بأن يقعد الواقف و يسكت المتكلم و يوقف عقارب الساعة في لحظة إبداع جسدي لا مثيل له...
قبل عشرين عاما كانت الممرضة لالة نعيمة ترجو الله و تتوسل إليه أن يكون حملها الخامس ذكرا حتى تدخل الفرحة على قلب زوجها عميد الشرطة الممتاز الغني بماله الفقير من نجل يبقي اسم العائلة حيا ....تلك كانت عقلية المجتمع...
رغم أنها كانت في أبهى صور العيش السعيد، لم تكن لالة نعيمة سعيدة أبدا بهذا النقص الرهيب الذي رافقها طيلة حياتها الزوجية مع رجل غليظ الطباع صعب المراس أول ما يشتمها به عدم قدرتها على انجاب ذكر....
كانت ضمن توسلاتها للعلي القدير أن تنجب ولدا وبعدها فلتأت الموت...
مرت فترة الحمل كالعادة دون مشاكل تذكر اللهم ما كان من ريبتها و خوفها و قلقها و فزعها...ما أفقدها نشوة الحياة و أظلم في عينيها غدا تأتي فيه أنثى خامسة....
حان وقت المخاض و حلت البشرى و عمت الفرحة كل من يعرف لالة نعيمة المرأة الجميلة ملاك الرحمة...
مبروك ولدت ولدا ما شاء الله كالقمر...
رنت في مسامعها هذه الجملة و انبثقت عن ثغرها ابتسامة الشكر و الرضى...
همهمت: الحمد لله
دخلت الوالدة في غيبوبة لم يجد لها الاطباء تفسيرا في الحين...حاولوا اسعافها و مكنوها من كل ما توفر لديهم من خبرة و معرفة في مثل حالتها...
في صباح اليوم الموالي...قربوا من خدها وليدها القمر...فتحت عينيها الخضراوتين في جحوظ لترى منيتها تتنفس حياة...بصعوبة كبيرة سمعت بناتها اللواتي كن يتحلقن حول سريرها"سموه عزيز"...
ثم علت صدرها حشرجة أسلمت بعدها الروح و رحلت...
تزوج الأب و غادر البيت الأول وترك بناته و في رعايتهن أخوهم العزيز...لم يبخل أبدا عليهن بشيء مما أردن أو طلبن ...علمن أنه سعيد مع زوجته الشابة التي اقترحت عليه العيش معها في مدينتها البعيدة...كان يزورهم كلما سمحت له الظروف...
احتملت البنات الأربع تربية عزيز الذي جعلن منه دمية حية يمضين في اللعب بها وقتا طويلا...
وكلما كبر الطفل وجد أمامه عالم نساء لا حدود له...اندمج فيه وانصهرت بباطنه كل خصوصياته الذكورية...فصار يعيش ما تصحبنه إليه من مغامرات مراهقات لا رقيب عليهن...لهن ما يسعد كل فتاة: مال و حرية.
كن مزهوات بهذا الطعم الذي كان يسيل لعاب الرجال وهو بينهن: عزيزة
بقلم:سميرة شرف
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق