حكمت نايف خولي
كفاكَ أيُّها القلبُ
كفاكَ أيُّها القلبُ ألماً وعذابْ
كفاكَ تتعلَّقُ بأوهامِ السَّرابْ
تبني قصوراً في السَّحابْ
تطيرُ تحلِّقُ في الضَّبابْ
كفاكَ تجلدُ نفسَكَ بسياطٍ من الأشواك والأبر
تتلوَّى تُشوى على وهجِ الجمر
مضتْ سنينُ العمرِ وأنت تحلمُ وتحلمُ
كرَّت الأيامُ فرَّت الليالي وأنت
تفتِّشُ في جيوبِ الكونِ عن جنَّتكَ المنشودة
عن حبِّ حياتِكَ الذي نذرتَ نفسكَ هدرتَ عمرك باحثاً عنه
كنتَ تحلمُ به خلاصاً مخلِّصاً لكَ مرفأً ترمي فيه مراسيك
ما أن وجدتَهُ حتى باتَ هذا المرفأُ
محيطاً تهدرُ فيه العواصفُ الهوجاءُ
زوابعٌ تشدُّكَ إلى قاعٍ سحيق من الأوجاعِ والشقاءْ
ليس فيه إلاَّ الدموعُ والأنين بؤسٌ ألمٌ وعناءْ
هي الأقدارُ يا قلبي هلْ بمقدورِنا تغييرُ مجرى الأقدار ؟
الألمُ نصيبُكَ قدرُكَ عبر العصورِ والأدهارْ
مضى العمرُ فاتَ قطارُ الأيام
ها هي شمسُ المغيبِ مهما تباطأتْ مصيرُها الغروبْ
ستطويك الليالي تلُفك عباءةُ العدمِ والفناءْ
غداً ستكونُ نسياً منسيَّاً في عالمٍ
مصيرُ كلُّ ما فيه إلى النسيان
هذه سنَّةُ الحياةِ طبيعةُ الأشياء يا قلبي
تجلَّدْ تجمَّلْ بالصَّبرِ تبسَّمْ تعزَّى بالأملِ والرَّجاءْ
تجرَّعتَ من كؤوسِ المرِّ فوق ما تتحمَّلُ روحُكَ
ارحلْ بصمت كنْ قويَّاً وابقَ شامخاً
متعالياً على الجراحِ بكلِّ عنفوانٍ وكبرياءْ
أنت لستَ من هذا العالم الترابي
عالمُكَ بعيدٌ هناك في الفضاءاتِ البعيدة
هوَّةٌ سحيقةٌ عميقةٌ تفصلُ بينك وبين هذا العالم
ستظلُّ غريباً في عالمٍ غريب
سترحلُ وانت تحملُ في روحك ذكريات أليمة
من عالمِ القشورِ والأوهام
يتخيل الناس فيه أنهم في عالم الحسِّ والواقع
في عالم الحقيقة والمادة المحسوسةِ الملموسةِ
كم هم واهمون .... تراكمت على عيونهم طبقاتٌ من الغبار
فقدوا معها القدرة على رؤية عالم الديمومة والبقاءْ
اذهبْ بصلابةٍ وإيمانٍ لا تتلفَّتْ إلى الوراءْ
الألمُ يكمنُ في الذكريات وفي الالتفاتِ إلى الوراء
حكمت نايف خولي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق