الخميس، 28 فبراير 2019

خلف النافذة /كلمات الشاعر /رشيد الموذن

خلف النافذة @

تعرت الشمس. مطت فمها الواسع  .انتشرت وهي تتربع فوق السطوح  .تسللت عبر النافذة. القت بخيطها الاحمر على جبهته فوق السرير. تنفس حتى استطال. انتفخ.. ازاح الغطاء راكضا الى الشرفة. اتجه بصره صوب النافذة.. العمارة المحاذية لها شرف ونوافذ كثيرة. لكنه لم يبحث عن عددها لم يعلق عينه الا بها تأرجح. تلوى لقد كوته شمس الصباح ومع هذا فكل حركة من حركاته تؤكد أنه مشغول. عيناه منتصبتان  .تارة يبتسم. وكم ود ان يلوح بيديه لولى الضجيج الذي يطرق اذنيه. من قبل هنا وهناك. داهمته احلام وردية لم تتبخر مع حرارة الشمس الفضية. 
مشكلته. حيرته وسعادته تبدأ في طلوع كل يوم جديد وتتفجر من تلك النافذة.. تلمع عينيه في خوف وجرأة كعين قطة جائعة. يتاملها غائبا في دوامات الصمت والاندهاش. يقضي طوال وقته قبل ذهابه او عند عودته من العمل، واء هذا الشباك الرمادي. وتشتد فرحته كلما سمع باب يفتح او يغلق او صدى صوت مهما كان ضعيفا.. تزداد نظراته تلتهم من تحت الجفون بنهم شديد لا يشبع... 
وجه مدور ممتلئ بعض الشيء  . ابيض مشوب بحمرة خفيفة  يتوسطه انف دقيق حاجبان صغيران مقوسان خدان  شفافتان يحمران بمجرد لمسة هواء ..اما الشعر فقد كان طويلا ناعما يتسرب على العنق وينزلق ليلامس الصدر الناهد... 
اصيب برعدة حتى احس ان الشرفة تهتز من تحته  وهوغارق في حلمه الخارق. غمرته فرحة صاخبة ثم انسل نحو الداخل. لبي بدلته الرمادية واحكم ربطة العنق ثم نزل الدرج يتطاير من الفرح نحو الشارع.. خطوات متعجلة مترنحة مزهوة  .فجاة رفع راسه ونظر باتجاه الرصيف المقابل. نطرات متتالية متانية. مندهشة. تامل كانه يركز على فريسة. لكنه لم يصدق كاد يصرخ لم يصدق عيناه.. لم تكون وحيدة  .لكنها هي بذاتها قابعة على كرسي متحرك تقودها امها... 

رشيد الموذن

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق