ماذا بعد......؟؟؟؟!!!
سياده العزومي
سقراطة الشرق
الجزء الثانى /
جميلة وشياطين الإنس
(الحلقة الثانية)
جميلة نفسها لا تعرف هل هي متزوجة أم مطلقة أم أرملة، كل ما يعض قلبها، هاتان الطفلتان في هذا العالم وليس لهما بين الخلائق غيرها، بعد موت الجدة العجوز وهروب الزوج ليست جريمته الأولى هروبه من إختلاس وسرقة أموال ومستقبل الناس ،
أو سرقة قوتهم وقوت أولادهم، بل هرب بعدما أختلس عمرها وهي في العقد الثالث، واختلس مستقبلها ومستقبل طفلتيها وأحفادها،
جميلة تعلم أن زوجها الهارب كان يحب فتاة أخرى ولكن عمتها ووالده أغلقوا في وجهه كل الأبواب وقطعوا كل الطرق والسبل أمام
الجمع بينهما، وأرغما الهارب علي الزوج من جميلة (ابنه خاله) لكنها هي الوحيدة التي تعرف الحقيقة أنه لا يعرف الحب لا يمكن لجسد أبدًا أن يعرف الحب، فإن حبه مثل الذي يحب النساء، لا تمر أنثي من تحت يده حتى يطأها، إنه لم يذق طعم الحب يوما، الحب الحقيقي هو الذي زرع بداخلنا منذ أن كنا أطفالًا ونما مع نمونا، كنا نبكي إذا إبتعدت عنا أمهاتنا أو أباؤنا أوإخواننا، نبكي إذا أصاب قريبا أو غريبا أى مكروه، نبكي عندما نري أحدهم يبكي دون معرفة سبب بكائه، كنا نشارك الجميع المشاعر والأعياد والأفراح، الحب الحقيقي هو حب الروح الكامنة بداخلنا تلك الروح البريئة الفطرية من أجلها خلق الله كل شئ حولنا، السماء، الهواء،الماء، والأرض من أجلها تشرق الشمس ويسقط المطر تهب الرياح ويثمر الشجر ويزهر الورد ويغرد الطير ، كبرنا وكبر الحب بداخلنا لكل شيء حولنا، عشقنا الليل والنهار والغسق والشروق عشقنا النجوم في السماء فهي لا تحرسها من الشياطين بل هي شموس تهدينا في الظلمات .. عشقنا الصيف والشتاء والربيع والخريف عشقنا صوت الكروان في الليل وصوت الديك عند الفجر
وضجيج الحياة في الصباح..
كل شيء حولنا
يعلمنا الحب...
ولا يتعلم الإنسان..
فهل يتعلم الإنسان ؟!
كل شئ حولنا يعلمنا الرحمة ..
فهل يرحم الإنسان؟!
لم نعد نضرب الأرض عندما تتعرقل أقدامنا...
لأنها خلقت من أجلنا تحملنا فوقها وعندما نموت تحتضننا ونذوب في قلبها قد ينسانا بني جنسنا أما هي لا تنسانا أبدا...
كبرنا ولم نعد نقذف شجرة التوت ونتوعدها بقطع أغصانها أذا لم تمطر علينا خيرها
كبر الحب بداخلنا وعرفنا كرمها فلم تعد تسمح ضمائرنا أن نقذفها كبرنا ووجدنا ابشع العوالم وأقساها هوعالم الإنسان...حكت جميلة أن أمها رحمة الله عليها وعلى الجميع، تلقت درسا صعبا من قطة لم تستطع فهمه إلا بعد عدة أعوام حين
ماتت إحدى صغارها أخذتها أم جميلة والقتها خارج البيت ذهبت القطة وأتت بها أخذتها مرة ثانية والقتها ذهبت وأتت بها ومرة ثالثة أتت بها، وضعتها في كيس والقته في صندوق القمامة،
علمتنا القطة أن الحياة من أجل الأبناء، إنه درس تقوم بتدريسه جميلة في المعمل الحياة الواقعي اليومي، حياتها من أجل طفلتيها،
أما حب الزوج أستقته جميلة من أمها منذ أن كانت جنينا، ليس هناك خطابات ولا لقاءات ولا قبلات القبلة الأولى يوم العرس اللمسة الأولى يوم العرس الفرحة الأولي يوم العرس كل شئ في الحياة يوم العرس ويبقي يوم العرس معنا لآخر يوم في حياتنا إنه حب الروح حب الفطرة حب العفاف والشرف كل شيء لأزواجنا كل ما نملك من مشاعر وأحاسيس حتي أجسادنا والماضي والحاضر والمستقبل الحياة كلها للزوج،اليقظة والنوم والأحلام والتمنى والموت وما بعد الموت وإن استرد الله عطيته تشد على جيدها الحبل حتى لو كان من مسد إنه حب الفطرة يولد مع النفس وينتقل معها إلى الحياة الأبدية مثل حب الله والأم والأخوة أنه الزوج رب الأرض لا سجود له وله كل الكيان من فكر وروح وجسد
مازلت أكتب لكم
وسأظل بإذن الله أكتب لكم
دمتم بخير أحبتي
سياده العزومي
سقراطة الشرق
عضو اتحاد الكتاب
العب عالميا
ردحذفلسياده العزومي سقراطة الشرق
من غيث وعاصفة
في هذه اللحظة تجسد أمامي الآتي كله، فإذا كنت أجهل صفات السيدة، فأنا أحفظ صفات أمي جيدًا، لن تتركها حتي تأكل أذنها، ولن يصمتا، ويكون حديثهما مطرقة تدق رأسي إلى أجل يعلمه الله، استأذنتُ وتركتهما يموجان مع بعضهما، ذهبتُ أبحث عن مصباحٍ آخر أو شمعة أكمل عليها استذكار دروسي، بالفعل ما لبثا حتى ركبا قاطرة السفر عبر الزمان، سلكا طريقهما إلى الماضي، حتى قرب الحرب العالمية الأولى ثورة 19ميلاد أمي، تحدثت أمي رغم أنها لم تتلقى أي علم ولم تذهب إلى أي مدرسة عن ثورة 19، وعن الحماية البريطانية على مصر، وكيف شارك فيها جميع طوائف الشعب من: موظفين، شباب جامعات، حرفيين، عمال، فلاحين... وعن نفي سعد زغلول إلى جزيرة مالطا، خيل إليَّ أنهما ذهبا لزيارته على الجزيرة وقد ضلوا السبيل، فوجب عليَّ إرجاعهما قبل الوصول إلى قلب القارة الأوربية، ذهبتُ وبحثتُ عنهما وسط النساء التي يبدو على ملامحهن الملامح العربية، والحمد لله أنهما عادا، وبدءا في زلزلة الأحجار التي تحت رءوس الموتى، أيقظا الآباء والأجداد، وآباء الأجداد، وأجداد الأجداد، حتى بلغت قوة زلزالهما أعنف من الزلزال الذي ضرب الوطن في العصر الحديث سنة 1903، راهنتُ نفسي أنهما كانا على وشك إيقاظ العشرة آلاف مواطن الذين راحوا ضحايا هذا الزلزال ـ رحمهم الله جميعًا ـ، من رحمة ربي بالموتى دكت العاصفة منزلنا دكًا دكًا، دكت سقفه وجميع جوانبه، قذفتنا السماء، أجبرتهما على العودة.
بدأ الحديث عن السيول، فلا عجب فهذه الأحداث الجارية، اتجهتا جنوبًا، وأغلب الظن أنهما وصلا إلى هضبة إثيوبيا، وصعدا عليها؛ إيماناً من أمي أن ماء الغيث يذْهِب السحر وأي مس شيطاني.. سرعان ما عادا إلى أرض الشقيق السوداني، عند بداية نهر النيل وقاستا حصتنا في المياه، علمتُ ذلك حين قالت السيدة:
- عادة، سقوط الأمطار من بداية فصل الخريف، وكميتها تقارب حصتنا من مياه النيل، ولا أعرف ماذا كانا يقصدان ؟!، هل كانت نيتهما أن نستغل هذه الأمطار عوضًا عن نهر النيل، أو كانتا تريدان النداء في البلاد لعمل خزاناتٍ وبحيراتٍ وترعٍ وقنواتٍ بالجهود الذاتية (الله أعلم).. كنت أستمع دون أن أنظر إليهما، وعلى ما أظن أنهما كانتا تريدان طرح مشروعٍ قومي في البرلمان النسائي للحكايات، وجدتُ السيدة تزوم بفمها حين وقفت عند البحيرة الصناعية والسد العالي قائلة ً:
- على الرغم من أن السد حمى البلاد من فيضان النيل، فإنه حجب الطمي الخصب وأثّر على خصوبة الأرض، وما لبثتا أن اتجهتا شرقًا إلى سيناء الحبيبة إلى قلبي، وأثر السيول فيها، صمت الحديث، قلت لنفسي:
-لعل الحديث والسفر عبر الزمان أرهقهما، وأرادتا أن تلتقطا أنفاسهما قليلاً، ألقيتُ نظرة إليهما، وجدتُ أمي ....
مازلت أكتب لكم
وساظل بإذت الله أكتب لكم
دمتم بخير أحبتي
سياده سقراطة