الجمعة، 20 سبتمبر 2019

العقل المتهالك /كلمات الاديب/د. احمد محمد شديفات

بسم الله الرحمن الرحيم
{{... العقل  المتَهالَكَ...}}
كثير من البشر يعيش من أجل أن يأكل وليس العكس فقد كنت في جلسة وكان الحديث عن أكبر ريع يكون نافعا في المشاريع الإنتاجية وأتفق القوم على مجال العمل في الأكل والشراب...  وبدا الكل يعرض تجربته وأن هذه الأمر لا يحتاج للفكر أو حتى الإتقان، ليس هذا موضوع بحثنا...... وإنما العقل وبالأخص العربي بالذات فهو في حالة مهزوزة متهالكة ومهترئة وفي سقوط مخيف ومحجور من الإبداع وتابع غير متبوع وبطون استهلاكية مقلدة ...على الرغم من وجود عقول ناضجة فهي بحاجة من يَتبنَّاها ويساعدها،  فالمشرق العربي عبارة عن حقل تجارب وتربة خصبة وبلاد ذات ثروات طائلة وأعداد بشرية هائلة غير مستغلة وحروب وفتن وطوائف متعددة ...الحديث{ يُوشِكُ أن تَدَاعَى عليكم الأممُ من كلِّ أُفُقٍ ، كما تَدَاعَى الْأَكَلَةُ إلى قَصْعَتِها...}
وفي المقابل وعلى الرغم من وجود أرضية وقواسم مشتركة وفيرة مثل وحدة الدين واللغة والتاريخ والنسب والقرابة والأمل والهموم والتعايش مع الآخرين إلا أن التهميش حاصل واصل حده... ولو جمعت ما في الوطن العربي ودمجتها مع بعضها كان الناتج لديك خليط ممتاز إلا أنه مهمل متروك...
فالعقل العربي محصور في ثقافة متكررة خاليه من الإبداع وتصورته محدودة خذ مثال على ذلك عدد الخريجين في الجامعات وكافة التخصصات فلم يعد سوق العمل يستوعب هذا الجيش من العاطلين والكثير منهم مثل ذوي الحاجات المتعددة طلبه الوحيد وأمنيته في العيد كرسي وطاولة ما بين قوسين مقعد فهذا مهندس بدون مشروع يطمح بالوظيفة، وهذا صيدلاني  بدون صيدلية   وطبيب دون عيادة ومحامي بدون خبرة ومعلم دون عمل...وكل شيء إذا وصل حده وزاد ينقلب ضده هذا كله لا يعد إنتاج وإنما تقهقر وتراجع وهذا هو الحاصل ومن هذا يتضح وجود عقول علمية بحاجة للتوجيه والإعداد والإبداع...أنظر مثلا لو كان الطب كما يقلون متقدم في دولنا لما حصل أن أول ما يصاب الوالي بحصر بول  ينقل إلى أفخم المستشفيات الأوروبية إذن كيف يرضى لشعبه الطب البديل ولا يَرْضَاهُ لنفسه وولده وزوجه فهو لا يثق بطب بلده.
إذا قلنا أن بلادنا ذات ثروات متنوعة فأعلم أن ما عندكم ينفد وما عند الله باق، تصور كم هو الإنتاج اليومي بالملايين  ويتبعه الهدر والغدر بكثر منه بكثير وبطرق شتى خذ مثال أن الفوسفات يباع بالإطنان بتراب البلاش ويعود لنا مصنع يباع بالغرامات بأغلى الأثمان كذلك النفط والغاز وقس على باقي المخزونات .
المصيبة أن بلد صغير بحجم سنغافورة  يأتي في مصاف الدول الصناعية العالمية اقتصاديا في تكرير النفط والسياحة والإلكترونيات والكيماويات ومركز الخدمات المصرفيّة عبر الإنترنت، ودعم العملات المتعددة، وحسابات التوفير، وتدقيق الحسابات، وأنظمة إدارة الثروات، والعديد من الخدمات ذات الجاذبية الكبيرة وهي أهم مركز علمي ماليا وتجاريا وتعد تاسع أعلى احتياطي في العالم وتملك أكبر محطة تكرير في العالم ومتوسط الدخل الشهري فيها 3077 دولار ولو عملت مقارنة بسيطة كم تكلفة صناعة وإنتاج هاتف نقال في سنغافورة وكم هي المواد الأولية لإنتاجه وتكلفة برميل النفط لوجدت أن مؤشر الربح يميل لجانب الهاتف النقال فهو أقل تكلفة وبيعه أكثر سعرا والطرف الثاني خسران ومجموع إنتاجها أكبر من إنتاج دول عربية مجتمعة...
وهل تعلم كم عدد سكان سنغافورة خمسة ملايين وهي خليط من الصينيين والملايويين والهنود وآسيويين والقوقازيين وثقافات مختلفة والغريب أن الحاكم فيهم امرأة مسلمة "حليمة يعقوب" وقال رئيس وزراء سنغافورة "لي هسين لونغ" في الوقت الذي يستعد فيه لمغادرة منصبه داعياً شعب سنغافورة إلى الالتفاف حول القيادة الجديدة للبلاد- وما قتل أحد من شعبه ولا تمسك بالكرسي للأبد-
إذن لا تقول أنا أملك احتياطي العالم من أي شيء... وأنت تعلم في قرارة نفسك لا تستطيع أن تدير مصنعا أو تصنع معلقة تأكل بها، ومتعب حالك في الانقلابات والحروب الداخلية والخارجية وتزوير الانتخابات والشللية وخلق الصراعات الطائفية والعنتريات والبذخ والترف....وآخر النهار تشحذ من صندوق البنك الدولي وتستجدي قرضا ودينا والكفيل رقاب مواطنين بلدك ووطنك رهنا له...إذن أنت لست حاكما أنت سمسارا على وطنك وواسطة وعميلا تجاريا ببيع الذي لا يباع.
إذن الإنسان بعقله يعيش وليس ببطنه واستهلاكه اليومي فنحن لا نملك أرادتنا ولا قرارنا ولا قوتنا ولا فكرنا ولن نستغني عن تبعيتنا للآخرين، ونحن نملك كامل القدرات العقلية والمادية إذن البلاء فينا......لماذا نعلق تقصيرنا على علاقة القوم الآخرين نقول الحق على الحكومة أو الدولة  ألسنا أصحاب مصلحة واحدة من كل الفئات خذ مثال على ذلك نقابة المهندسين وتنوع اختصاصاتهم في أي بلد من البلاد ما هي مهمتها لنأخذ مثال{ الارتقاء بالمستوى العلمي والمهني للمهندسين وتنشيط البحث العلمي الهندسي ودعمه} كلام على الورق ليس نقدا ولا استهتارا هذا هو الواقع ، الاهتمام فيما يعود بالفائدة على المصالح الخاصة بالذات لا يوجد مشروع عام تشترك به كافة نقابات المهندسين العرب أو ببلد المواطنة...تعال إلى نقابة المحامين العرب كم مر على وطننا الغالي من مصائب وسرقة أموال ونهب وهدر وهدايا واحتلال وتدخل الأجنبي...فلم يحرك اتحاد المحامين ساكنا...المنافسة الشديدة العتيدة الحقيقة تجدها عند الترشيح عن الحزب أو الطائفة أو الكوتا، ونبقى ندور في فلك حلقة ضعيفة كبيت العنكبوت حتى نموت وعندها يكبروا علينا تكبيرا...تقديم الدكتور أحمد محمد شديفات/ الأردن

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق