لم يَعْبَبأَ تحسين خليل ببرودة نسيم البحر فى ذلك المساء وهو يمشى على رمال الشاطئ حافي القدمين و المويجات الصغيرة تعانق الرمال الذهبية ثم تتراجع إلى البحر لتعود من جديد وفى عناد وإصرار. راق له المشهد ووقف وحيداً يراقب ترقرق الموج فوق الرمال والعناق الراقص بينهما. أقترب تحسين من حدود عناق الموج وشعر بسعادةً كبيرة حين قبل الموج أصابع قدميه الحافيتين وهو يضحك بعفوية حين تبلل موجة كامل قدميه وأحيانا يحاول القفز فى الهواء ويطربه صوت صراخ الصخور القريبة من الشاطئ حين تصطدم بالماء المندفع من البحر. لم ينتبه تحسين إلى المرأة الجميلة المغلفة بوشاحها الفضي الذي يلعب به نسيم البحر الهامس فى نعومة الآوركيد. تمعن النظر وبلا إرادة، ارتعش جسده وأصابه توتر واقشعر شعر رأسه وهو يرى حورية البحر الجالسة على صخرة صغيرة بالقرب من الشاطئ. ابتسمت الحورية ولوحت له، تسمر تحسين ودار صراع فى داخله بين خوفاً يدفعه إلى الهرب وبين رغبةً تحث به للاقتراب والحديث مع تلك المخلوقة الجميلة ذات الوشاح الفضي والذيل اللعوب. جمع تحسين شجاعته المتناثرة على الرمال الفيروزية ورفع يده اليمنى ولوح لها. قفزت الحورية فى البحر، اختفت لتظهر بالقرب منه وقالت:
ما تخاف، أنا حورية شامية أسمي موج الربيع وبيتي قريب من هذا الشاطئ، مرحباً فيك بـ شاطئ الفيروز.
تعجب تحسين وغمره الفضول والرغبة فى الحديث مع الحورية. وكان تحسين يسمع عن أساطير حوريات البحر ولم يحلم فى يوماً ما أن يرى حورية حقيقة تظهر له وتتحدث إليه وتلوح له. أراد أن يقترب منها أكثر، أن يلمسها ويتأكد أنه لا يحلم وأنها حقيقة. أغمض عينيه ومد يده وحس بشي بارد فى راحته المغلقة، فتح عينيه فلم يرى الحورية. تلفت حوله وأمعن النظر فى البحر وهو يتراجع إلى الخلف بعيداً عن الماء وهو مازال ينظر باحثاً عن الحوريه ولكنها أختفت تماماً. وحين أدرك تحسين أن قبضة يده مغلقه، فتح يده ببطءً ليجد بها لؤلؤةً وخصلة شعراً شقراء
محمد خليفة - شيكاغو 01/19/2020
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق